حجية السوابق القضائية الجنائية في القضاء السعودي

ظهرت السوابق القضائية بصورة أساسية ملفتة للنظر في القانون الانجليزي، بسبب اعتماده كلياً على مصدر واحد للقانون وهو العرف، وتعد السوابق القضائية التي تستند على ممارسة المحاكم العملية التي تعددت وتنوعت بدرجة كبيرة، فقد قيل أن نظرية السوابق أكثر صلابة مما كانت عليه في الماضي. فالسوابق القضائية في القانون الانجليزي باتت مصدراً أساسياً للقانون والاحكام كأحد أهم عناصر العُرف القانوني والقضائي، ولا تعد كذلك في التشريع الإسلامي والقانون اللاتيني، إلا أنه يمكن عدها ضمن المصادر التي ترشد الحاكم في النزاعات المعروضة عليه. ولما كان المصدر الأساسي في النظام اللاتيني هو التشريع (ويستخدم كمرادف للقانون أي القانون المكتوب فلن تكون فيه السوابق القضائية إلا جزءا من شروح القوانين ولشدة الاهتمام بالسوابق القضائية في المدرسة الانجليزية تقرر إلزاميتها للقضاة والمحاكم الذين صدرت عنهم ولمن هم دونهم من المحاكم مع وجود تخفيف في الإلزام واستثناءات دعت إليها ضرورة المواءمة والملاءمة. ولم يصل الأمر في التشريع الإسلامي إلى إلزامية القاضي في حكمه بتطبيق اجتهاد أخر في حكم أخر. على هدي ما تقدم سوف نستعرض هذا الموضوع في ثلاثة مباحث : الأول يتناول مفهوم السوابق القضائية ووظيفتها، والثاني تناول السوابق القضائية في الأنظمة الوضعية، والثالث يتناول أثر السوابق القضائية في النظام السعودي . أخرجت المنظومة القضائية في المملكة العربية السعودية العديد من الأنظمة القضائية التي تعمل على تطوير المنظومة، ومع ظهور فكرة تطوير القضاء، وبروز فكرة تدوين الأحكام القضائية وتبويبها وتصنيفها والاعتناء بها، بما يعني بالمصطلح القانوني "سوابق قضائية" نتج عن كل ذلك طرح إشكالية غاية في الأهمية وهي: ما هي حجية السوابق القضائية في النظام السعودي؟