جوته

في الفن عموماً، والأدب على وجه التخصيص، ظاهرة خطيرة، ما أخلقها بعناية الناقدين وأحراها بدراسة المؤرخين للفن والأدب. تلك الظاهرة هي ما نستطيع أن نسميها باسم الاغتراب الروحي»، ونعني بها هذه الحالة الوجدانية العنيفة القوية إلى طبيعتها وأن يتلاءم وإياها، ويتكيف مع أحوالها وأطوارها، لأن في هذه الحياة الجديدة إما متعة له، تزيد من قوة حياته الروحية وتوسع من دائرة أفقه، أو سلوة له عن البيئة الأولى التي لم يعد له قبل باحتمالها، ولا جلد على البقاء فيها. ولكي يجد فيها هذه السلوة وتلك المتعة، كان لابد له أن يطلق لخياله العنان ليصور بريشته هذه البيئة الجديدة أحسن تصوير وأروعه، حتى لتكاد تخلقها من جديد خلقاء ومن هنا فإن هذه البيئة تختار دائما، أو غالباً على أقل تقدير، من بين البيئات المجهولة بعض الجهل، لان الخيال لا يستطيع أن يبذل نشاطه في حرية وانطلاق إلا إذا اشتغل في مجهول.