أطـــــــلال

ليس هذا الحديث الذي بين يديك أيها القاري الكريم "رواية" بالمعنى الحصري للرواية ووفقا لمناهج النقد الحديث وما يضعه للرواية من مناهج ورؤية وقواعد.. كلا ليس هذا الذي بين يديك "رواية" وإنما هو حديث جرى في نفسي وهجس في الحنايا فأخرجته متخففا منه في "شكل" من أشكال "الحكي" الذي تربينا عليه في ليالي السمر حيث الجدات والأمهات وكبار السن - عموما - يحكون لنا ما طاب لنا من "حكايات" كنا نتعلق بها وننام عليها وعلى أطيافها فتنطبع فينا كما انطبعت فينا الطبائع والخصال والنسب والأماكن ولهذا جاء هذا الحديث وفيه ملامح من طيبات "الحكي" في ليالي "السمر" التي كنا نتحلق فيها أطفالا حول أحد الكبار حاكيا وفيها ملامح من "ألف ليلة وليلة" وغيرها من "الحكايات" التي أبدعها العرب عبر عصور متفاوتة ثم توارثتها الأجيال بعد الأجيال و"طورتها" في إطار عروبتها خصالا وملامح في النفس وفي دلالات التعبير على مناهله وطباع قائليه وجاءت وفيها ملامح من "المقامات" العربية للحريري والهمذاني وغيرهما، ويلمح فيها القارئ "تفويحات" من وحي تعابير المقامات في الإحساس بالــ "مفردة" في تجانس الألفاظ وجرسها الصوتي وموسيقاها في الجملة وفيها طيبات مما رواه الرواة القدماء ووثقته كتب الأدب العربي على نحو ما نقرأ عند الجاحظ وابن قتيبة وابن عبدربه والأصفهاني وغيرهم.