تاريخ النص ( الكتاب الثاني )

لقد تعهدت في الجزء الأول من هذا الكتاب تقديم تاريخ عام وشامل للنص القرآني، ليس لغرض جدلي، ولا أن أقوم بمقام الخصم أو الحكم، أو للدفاع عن رأيي الخاص في أي مسألة متنازع عليها، لكنني ارتأيت لنفسي أن أنحى منهجا ليس لي فيه إلا البحث العميق عن مكنونات هذا النص، وطلبا للحصول على معلومات، ولا شرح كذلك . قدر الإمكان - العناصر الراسخة في الدراسات التاريخية ودون الدخول في تفاصيل أكبر من ذلك أو الخوض في مسائل ليس هذا المقام يستوجبها، فقد وجدتُ - على ما ذكرت في مقدمة الجزء السابق من هذا الكتاب أن الإحالات الكثيرة سوف تشتت ذهن القارئ. معقدت العزم أن أبتدئ هذا الكتاب بما يجعلك - أيها القارئ الكريم - تتعرف على المجتمع الذي نزل القرآن فيه، وفي الأشخاص الذين عناهم لفظ القرآن بالحديث، ووجدت أن معرفتك بالأنساب ضرورية. كما كانت معرفتك بالمجتمع ضرورية في الجزء الأول من الكتاب. وإني لن أخوض في الأنساب لخوض النسابين الذين يحرصون على رفع النسب إلى أحد الأبوين الأسطوريين: عدنان أو قحطان؛ فإن المامة بسيطة بكتاب من كتب الانساب تغنيك عنه، لكن عملي في هذا الجزء شرح فكرة الانساب وأصولها وتحوراتها على ما كان قبل الإسلام، وما جرى به العمل بعده