حصاد السنين

نجتهد ونسهر الليالي لنحقق النجاح بدخول الجامعة، ثم نقضي سنين الدراسة ونحن نمني النفس بالنجاح وتحقيق قائمة من الأحلام بعد التخرج، فنمضي بإصرار أكبر وعزيمة أشد. يتكلل الجهد بالتخرج، فنكتشف المفارقة! نجد أنفسنا وسط مجتمع غريب وحياة غريبة تختلف تماما عما درسنا. الأخلاق والقيم التي طالما دافعنا عنها، العادات والتراث والحضارة والتاريخ التي طالما تغنينا لها تبدو كأشباح باهتة أمام واقع طاغي. تكتشف أنك كجندي يحمل سلاحًا من العصر الحجري، مقابل جيوش تحمل أسلحة أخرى! وما بين فهمك للحياة واحتكاكك بها بعد التخرج قد تشاهد أمورًاً تعارف عليها المجتمع وسلم بها مع أنها قد تناقض القيم أو تنتهك الأخلاق والآداب التي نشأت عليها، ومع ذلك، قد يعتبر المجتمع أن ما عندك لا يعدو كونه فلسفة فارغة المحتوى، أو أنها غير واقعية على أقل تقدير. ليس أمامك إلا أحد خيارين: إما أن تناقض نفسك أو أن تناقض المجتمع، وقليل من المتناقضين هم الذين يجدون انسجامهم مع هذا التناقض.