أوهام الخلاف في كتابي الأسرار والإنصاف

يهدف هذا الكتاب إلى هزهزة ثابت من ثوابت الدرس النحوي التراثي ، وهو اتخاذ خلافات أبي البركات الأنباري ، مرجعًا أوحد للخلاف في المسائل المختلفة ، ذلك الذي دَرَج عليه الباحثون قديمًا وحديثًا ، نتيجة ادعاء أبي البركات الأنباري اتخاذ الحيدة والإنصاف ، لا التعصب والإسراف سبيلاً للحكم على خلافات المذهبين : البصري والكوفي ، وذلك في مقدمة كتابه الإنصاف ذلك الادعاء الذي دعمه بمنهجه في عرض آراء المذهبين عرضًا يبدو من ظاهره الاتزان والعدل ؛ حيث يعرض الآراء المذهبين وحججهم، بادئًا بمذهب الكوفيين ، ثم الرد على المذهب المرجوح في نظره بالأدلة العقلية والنقلية . إلا أن هذه الادعاءات سرعان ما تتهاوى ، في عدد غير قليل ، من المسائل عند النظر في مصادر هذه الآراء الخلافية ؛ بغية توثيقها ؛ إذ تبين أن هناك نقولاً نسبها للكوفيين والبصريين على السواء ، هم على أقل تقدير لم يُجمعوا عليها ، وكان بين أتباع المذهب الواحد فيها آراء متعددة ، بل إن هناك من الآراء والأدلة التي نسبها إليهم ما لم يقولوا به من الأساس . وقد كان كتاب أسرار العربية من الكتب التي كشفت تهافت دعوى الإنصاف التي أعلنها وعلى هذا فإنه من تجليات هذا الهدف الذي يسعى إليه الكتاب ، الذي هو هزهزة أبو البركات الأنباري في كتاب الإنصاف ثابت من ثوابت الدرس النحوي التراثي) ، هو دفع الباحثين إلى شحذ هممهم ، وإلقاء الدعة والخمول دبر ظهرانيهم ، ليتخذوا من خلافات أبي البركات الأنباري منطلقا فقط لطرح الخلاف ، ثم لا يطمئنوا له حتى يتَقَصَّوْه في كتب أصحابه من كوفيين أو بصريين ، ثم هم ، بعد، يذكرون الخلافات من مصادرها ، لا من شهادة أبي البركات الأنباري في الإنصاف أو الأسرار أو غيرهما . وهذا ما يحاول هذا الكتاب أن يقدمه بين يدي الباحثين ، عسى أن يكون عونا لهم على تحري الحقائق ، وطرح الأوهام .