الفكه والمتعصب

كانت هذه الرّوايةُ السّاحِرَةُ إحدى الرّوايات القلائل التي قرأتُها بمحضِ الصّدفةِ، ولِمُجرّدِ التسليةِ، ثُمَّ اكتشفتُ أنّها على قدرٍ بالغٍ من الأهميّة. فكانَ أوَّل ما اكتشفتُهُ، أنَّها سبَقت روايةَ جورج أورويل في التنبؤ بالمستقبل والحديثِ عن العام 1984. وبعدَ بحثٍ، وجَدتُ أنّها كانت إحدى الرّوايات المُفضّلة لدى الثّائر الإيرلنديّ مايكل كولينز، ولربَّما كانت هيَ الشّرارةَ التي أشعَلَت حماسَتَهُ ليقودَ حركةَ تحريرِ بلادِهِ من السُّلطانِ البريطانيّ مطلَعَ القرنِ العشرين. نشرَ الكاتِبُ البريطانيُّ غلبرت كيث تشيسترتون هذه الرّوايةَ عامَ 1904، ورسَمَ فيها صورةً لِمدينةِ لندن المُستقبليّة؛ عام 1984. وعلى الرّغمِ من أنَّ الرّوايةَ تُعَدُّ قصيرةً، فإنّها زاخِرةٌ بالحِكمةِ والفلسفةِ العميقة. وعلى الرّغمِ من أنَّ كُلَّ فصولِها مُترابطةٌ ومُتدرّجَةٌ نحوَ غايةٍ مُحدّدَةٍ، فإنَّ كُلَّ فصلٍ منها عَالمٌ مُستقِلّ. وعِندما يصِلُ القارئُ إلى الفَصلِ الأخير، سيجِدُهُ قد جمَعَ عُصارةَ الحِكمةِ المُوزّعة في الفصولِ كُلّها. عماد العتيلي