حتى آخر نفس

"""لم يعُد لابتسامتي أي معنىً""! هكذا أنهى كتابة وصيته، وضعها في جَيبه واحتضن نفسه بكلتا يدَيه وخرج، كما تحتضن الحمامة صغارَها من برْد الشتاء. بدأ بالسَّيرِ والأمطارُ تزداد غزارة لمنعه من الذهاب، بين كل خُطوة وخُطوة يركض تائهًا بين شوارع المدينة، حزينًا لدرجة أنه لا يستطيع رفع رأسه وهو يسير. أمَّا دموعُه فكانت ترسُم طريقًا مُضاءً من عينيه. وصل إلى الجسر! لم تبقَ أمامه سوى بضع درَجات وألف تنهيدة، عرف أن الوقت قد حان ولم يتبقَّ له إلَّا لحظاتٌ... هكذا هي نهايته!! أعترفُ لكم أيُّها السادة: أن الحياةَ باهظةُ الثمن، ونحن أرخص ما فيها، والحصول على ما نريد هو المُحال... بصوت عالٍ قالها. أمسكَ سياج الجسر ونظر ليرَى انعكاس وجهِها الحزين في المَوج... وقف صامتًا سأضع حدًّا قاسيًا لأوجاعي؛ لأنَّها عبَرَتْ حدود الكلام. قرَّر ""الانتحار""... أخرج من جيبه سيجارةً وأشعلها... سأُلقي بنفسي وسيجارتي معي، لن أرحل وأنتِ لستِ معي، فنحن من سنوات واجهنا كلَّ شيء سويًّا... أخذ نفسًا عميقًا وقبل أن يقفز بلحظاتٍ، سمع صوتًا مرتجفًا بعَبرة حزينةٍ، يصرخ....... "