كتاب الأغاني (الكتاب الثاني)

يعد أبو الفرج الأصفهاني من أهم الشخصيات التي أثرت تأثيرا قويا في مسار التراث العربي الإسلامي عامة، من خلال مؤلفاته التي تنبئ بالساعه في الرواية، والجمع فيها بين أنواع الثقافات. وشتى ضروب المعارف والفنون. وأبو الفرج في كنزه هذا يفتح لنا آفاقا لقراءة شخوصه قراءة إبداعية فاحصة، فاستطاع أن يقيم بأسلوبه حوارا مع هذه الشخصيات يتسامر معها وينادمها. فيستحضر التاريخ لا بصفته مؤرخا ليكتب تاريخا من نوع ما، ولكن ليعيد صياغته صياغة إبداعية برغم الوثائقية التسجيلية والعنعنات والأسانيد التي تروى بها أخباره ورواياته ولأبي الفرج الأصفهاني سحر خاص في ثقافتنا العربية الإسلامية من خلال كتابه البديع «الأغاني»، وكتابه هذا معروف مشهور ويتمثل سحر أبي الفرج - في «الأغاني» - أنه ألغى نظرتنا التاريخية (العلمية) التي تنظر بها إلى مصادر تراثنا الأدبي فنحن دائما ما تصنفها في إطار هذه النظرة القاصرة، إذ لا ترى فيها سوى تراجم وسير، وأخبار... إلخ، لكنني أرى غير هذا؛ فكتاب «الأغاني» يتضمن الحياة العربية الإسلامية بكل ما فيها من أشعار وخطب وأمثال قصص وأساطير وحكايات، ويصف لنا هذا التضمن الجانب الروحي فضلاً عن المادي - لهذه الحياة وقد كان كتاب «الأغاني» البوتقة التي انصهرت فيها ثقافة أبي الفرج إذ ألف كتابه «مقاتل الطالبين في أول حياته، فبدأ فيه مؤرخا وانتهى فيه أدينا، أما كتاب «الأغاني» فقد ابتداء أبو الفرج أدينا وانتهى فيه أدينا ومؤرخا ومحدثا وناقدا ونسابة