الاستراتيجية الروسية والتدخلات الخارجية

شكل انهيار الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينات القرن العشرين وظهور روسيا الاتحادية كواحدة من الدول الجديدة على الخارطة السياسية الدولية حدثًا مؤثرًا بكل المعايير، إذ سعت الحكومات الروسية المتعاقبة للقيام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية والعسكرية والسياسية للخروج من دوامة الاضطراب الداخلي الذي خلفه الانهيار وصعود التيارات القومية الأوراسية التي دعت للتدخل العسكري في دول الجوار القريب وخارجه بهدف استعادة المكانة، إذ كان التدخل العسكري في جورجيا عام 2008 يهدف لحماية الأمن القومي الروسي وإعادة تجميع الإمبراطورية على حد وصف المفكر الروسي ألكسندر دوغين، فضلاً عن التدخل العسكري في سوريا عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد حليفها في الشرق الأوسط وتعزيز التواجد العسكري في المياه الدافئة لاسيما البحر المتوسط، علاوة على التدخل العسكري في القرم وأوكرانيا عام 2022 لمنع الأخيرة من الانضمام إلى حلف الناتو، أضف إلى ذلك، إن فكرة التدخل الخارجي في الاستراتيجية الروسية مسألة قديمة لم تكن وليدة الانهيار، وإنما تعود إلى عقود خلت، وقد أخذت هذه التدخلات أشكالاً و أساليباً متعددة حسب طبيعة وخصوصية كل مرحلة. بالمقابل يؤكد ألكسندر دوغين قائلاً " لم يترك لنا الغرب خياراً سوى التدخل عسكريًا، فنحن أمام خيارين لا ثالث لهما أمّا النصر أو الفناء" ويكمل قائلاً " إن روسيا قد أحرقت كل الجسور ولم يعد هناك أي مجال لطريق العودة إلى الوراء ولا خيار أمامها إلا تحقيق النصر".