حجية الدليل الإلكتروني أمام القاضي الجنائي والمدني

عندما ظهرت المعاملات الإلكترونية لم يتناولها فقه القواعد الموضوعية في الإثبات باعتبارها نوعاً جديداً من المعاملات أو التصرفات القانونية غير المعروفة من قبل. بل عدها تصرفات قانونية تقليدية تتم عبر وسائل حديثة إلكترونية، وانحصرت المشكلة بالنسبة له في كيفية إثبات هذه المعاملات، وهل يمكن الاعتداد بالوسائل الإلكترونية كأدلة إثبات قانونية؟ وأمام اعتراف المشرع بحجية المحررات الإلكترونية والكتابة الإلكترونية والتوقيعات الإلكترونية، ومساواتها بالمحررات الورقية والكتابة التقليدية والتوقيعات اليدوية، تحققت (من الناحية الموضوعية) لتلك الوسائل الإلكترونية قيمتها وقوتها في الإثبات. بيد أنه لا يكفي اعتراف المشرع بوسيلة معينة كدليل قانوني، وإنما يلزم معالجة ما يمكن أن يثار من منازعات أمام القضاء حول هذه الوسيلة. لذلك سوف نستعرض في هذا الكتاب: مع إلقاء الضوء على الجوانب الإجرائية في الإثبات بالدليل الإلكتروني، وإيضاح مدى توافق تلك الأحكام المنصوص عليها في قانون الإثبات طبيعة الأدلة الإلكترونية، وهل يمكن تطبيق هذه الأحكام على الدليل الإلكتروني عند الاحتجاج أمام القضاء.