سلطة القاضي الجنائي في التعزير بالشبهة وأثره على مبدأ الشرعية الجنائية

سلطة القاضي الجنائي في التعزير بالشبهة وأثره على مبدأ الشرعية الجنائية

تأليف:

بدر بن حمد الدبيان

69.00 ر.س فقد لازمتْ العقوبة المجتمع البشري منذ نشأته، وتطوّرت بتطوّره، وكانت تُطبّق على من استحقّها، واختلفت الجهات المسؤولة عن النطق بها وتطبيقها من مرحلة لأخرى عبر العصور؛ إلى أن ظهرت الدولة بشكلها الحديث، فأوكلت مهمة الحكم والفصل في الدعاوى إلى جهاز مختص ألا وهو القضاء؛ حيث إن دور القضاء الفصل في النزاع المطروح عليه وفق النظام؛ لحماية مصلحة ارتأى المُنظّم أنها جديرة بالحماية النظامية. ولاختلاف ظروف كل جريمة وملابساتها؛ فقد اتجهت غالبية الأنظمة والقوانين الجنائية إلى منح القاضي الجِنَائِي سلطة تقديرية في استخلاص العقوبة المناسبة لكل مُرتكب للجريمة على حِدة، مع الأخذ في الاعتبار العمل بمبدأ "لا جريمة، ولا عقوبة إلا بنصٍّ"، وهو ما يُطلق عليه مبدأ الشرعية الجنائية. ويأتي هذا المبدأ متفقًا مع أحكام الشريعة الإسلامية، التي أرست قاعدة أنه: "لا جريمة، ولا عقوبة إلا بدليل شرعي يُجرّم الفعل، ويُعاقب عليه"؛ ويترتب على ذلك أن القاضي الشرعي ليس بمعزل عن النصوص الشرعية، والأصول، والقواعد الفقهية المعتبرة. غير أن ممارسة السلطة التقديرية للقاضي في تقدير العقوبة بدون ضوابط محدّدة؛ يؤثر في تحقيق العدالة، وبتطبيق ذلك على مستوى القضاء الجِنَائِي في المملكة العربية السعودية، يُلاحظ عمليًّا عدم استيعاب بعض القضاة للكثير من الأنظمة الجنائية، وقواعد الإجراءات الجزائية، والمبادئ المستقرة في غالبية القوانين المقارنة، التي تؤكد أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته, وأن الشك يُفسّر لمصلحة المتهم. وإعمالًا لمبدأ البراءة الأصلية، إذا ما توافرت الأدلة القانونية على ارتكاب المتهم للجريمة؛ كان لزامًا الحكم علية بالإدانة، أما إذا لم تتوافر هذه الأدلة، أو كانت ضعيفة؛ فلزم الحكم بعدم الإدانة؛ ومن ثمَّ فإن العقوبة لا تصدر إلا بثبوت الإدانة، ولا مجال للقول بإدانة المتهم لمجرد الشُّبْهَة أو التهمة، وما يُجرى عليه العمل في غالبية الأحكام الجنائية التعزيرية بالمملكة؛ هو ضابط التعزير بالشُّبْهَة، رغم عدم ثبوت الإدانة،بخلاف المُستقَّر عليه في غالبية القوانين الجنائية المقارنة، التي لا تعرف مصطلح الشُّبْهَة كقرينة لإنزال العقوبة على المتهم. والمتتبع لأحكام القضاء الجِنَائِي السعودي حتى نهاية عام 1440هـ، والمتأمل في مسبّبات هذه الأحكام؛ يجد أن بعض القُضَاة في أحكامهم يُعالجون تقصير جهات الضبط في جمع الأدلة المادية على المُتَّهَم بإعمال أدنى شبهة يقفون عليها، مثل: سبق اعتراف المُتَّهَم بالجريمة في أثناء التحقيق، ثم الرجوع في اعترافه أثناء المحاكمة؛ وهنا استخدم القضاء سلطته التقديرية في التعزير بالشُّبْهَة؛ رغم عدم وجود دليل على الإدانة، مستندًا إلى اعتماد قرينة المُتَّهَم المعروف بالشر، أو لوجود سوابق، واعتبار ذلك قرينة على التعزير بالشُّبْهَة؛ وهو ما يُمثّل خللًا فادحًا داخل المنظومة القضائية، ويرتّب آثارًا خطيرة على المستويين السياسي والاقتصادي؛ بل ويمثّل عقبة كبيرة أمام استراتيجية التنمية ورؤية 2030، كما يرسّخ أفكارًا سلبية تنشئ نوعًا من انعدام الثقة بين أفراد المجتمع ومنظومة العدالة. المزيد من التفاصيل
نبذه عن الكتاب

فقد لازمتْ العقوبة المجتمع البشري منذ نشأته، وتطوّرت بتطوّره، وكانت تُطبّق على من استحقّها، واختلفت الجهات المسؤولة عن النطق بها وتطبيقها من مرحلة لأخرى عبر العصور؛ إلى أن ظهرت الدولة بشكلها الحديث، فأوكلت مهمة الحكم والفصل في الدعاوى إلى جهاز مختص ألا وهو القضاء؛ حيث إن دور القضاء الفصل في النزاع المطروح عليه وفق النظام؛ لحماية مصلحة ارتأى المُنظّم أنها جديرة بالحماية النظامية. ولاختلاف ظروف كل جريمة وملابساتها؛ فقد اتجهت غالبية الأنظمة والقوانين الجنائية إلى منح القاضي الجِنَائِي سلطة تقديرية في استخلاص العقوبة المناسبة لكل مُرتكب للجريمة على حِدة، مع الأخذ في الاعتبار العمل بمبدأ "لا جريمة، ولا عقوبة إلا بنصٍّ"، وهو ما يُطلق عليه مبدأ الشرعية الجنائية. ويأتي هذا المبدأ متفقًا مع أحكام الشريعة الإسلامية، التي أرست قاعدة أنه: "لا جريمة، ولا عقوبة إلا بدليل شرعي يُجرّم الفعل، ويُعاقب عليه"؛ ويترتب على ذلك أن القاضي الشرعي ليس بمعزل عن النصوص الشرعية، والأصول، والقواعد الفقهية المعتبرة. غير أن ممارسة السلطة التقديرية للقاضي في تقدير العقوبة بدون ضوابط محدّدة؛ يؤثر في تحقيق العدالة، وبتطبيق ذلك على مستوى القضاء الجِنَائِي في المملكة العربية السعودية، يُلاحظ عمليًّا عدم استيعاب بعض القضاة للكثير من الأنظمة الجنائية، وقواعد الإجراءات الجزائية، والمبادئ المستقرة في غالبية القوانين المقارنة، التي تؤكد أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته, وأن الشك يُفسّر لمصلحة المتهم. وإعمالًا لمبدأ البراءة الأصلية، إذا ما توافرت الأدلة القانونية على ارتكاب المتهم للجريمة؛ كان لزامًا الحكم علية بالإدانة، أما إذا لم تتوافر هذه الأدلة، أو كانت ضعيفة؛ فلزم الحكم بعدم الإدانة؛ ومن ثمَّ فإن العقوبة لا تصدر إلا بثبوت الإدانة، ولا مجال للقول بإدانة المتهم لمجرد الشُّبْهَة أو التهمة، وما يُجرى عليه العمل في غالبية الأحكام الجنائية التعزيرية بالمملكة؛ هو ضابط التعزير بالشُّبْهَة، رغم عدم ثبوت الإدانة،بخلاف المُستقَّر عليه في غالبية القوانين الجنائية المقارنة، التي لا تعرف مصطلح الشُّبْهَة كقرينة لإنزال العقوبة على المتهم. والمتتبع لأحكام القضاء الجِنَائِي السعودي حتى نهاية عام 1440هـ، والمتأمل في مسبّبات هذه الأحكام؛ يجد أن بعض القُضَاة في أحكامهم يُعالجون تقصير جهات الضبط في جمع الأدلة المادية على المُتَّهَم بإعمال أدنى شبهة يقفون عليها، مثل: سبق اعتراف المُتَّهَم بالجريمة في أثناء التحقيق، ثم الرجوع في اعترافه أثناء المحاكمة؛ وهنا استخدم القضاء سلطته التقديرية في التعزير بالشُّبْهَة؛ رغم عدم وجود دليل على الإدانة، مستندًا إلى اعتماد قرينة المُتَّهَم المعروف بالشر، أو لوجود سوابق، واعتبار ذلك قرينة على التعزير بالشُّبْهَة؛ وهو ما يُمثّل خللًا فادحًا داخل المنظومة القضائية، ويرتّب آثارًا خطيرة على المستويين السياسي والاقتصادي؛ بل ويمثّل عقبة كبيرة أمام استراتيجية التنمية ورؤية 2030، كما يرسّخ أفكارًا سلبية تنشئ نوعًا من انعدام الثقة بين أفراد المجتمع ومنظومة العدالة.

تفاصيل الكتاب
ردمك (ISBN)9786038215449
دار النشرمكتبة القانون والاقتصاد للنشر والتوزيع
التصنيفالقانون
اللغةالعربية
سنة النشر2021
عدد الصفحات173
الغلافتغليف ورقي
الوزن (كجم)0.38

كتب ذات صلة

كتب لنفس البائع